أخبار وتقارير

تفاصيل ومعلومات خاصة عن آخر الجهود التي تُبذل لاحتواء الكارثة التي خلفتها سفينة تتبع «العيسي»

يمنات – الشارع – مشعل الخبجي

وجه رئيس الجمهورية, عبد ربه منصور هادي, أمس, باستقدام شركة أجنبية تتمتع بالخبرة لاحتواء كارثة جنوح الناقلة "شامبيون 1" والتلوث الذب تسبب به على سواحل مدينة المكلا, عاصمة محافظة حضرموت, حيث جنحت السفينة هناك منذ العاشر من يوليو الجاري, مهددة بكارثة بيئية كبيرة بسبب تسرب مادة المازوت منها.

وقال لـ"الشارع" مصدر مطلع إن أحمد العيسي, صاحب شركة "عبر البحار" التي تتبعها السفينة الجانحة, زار رئيس الجمهورية, مساء أمس الأول, الى منزله في العاصمة صنعاء, وتمكن بمساعدة وسطاء, من اقناعه بضرورة تدخل الدولة للتعامل مع المشكلة, وهو الأمر الذي دفع الرئيس الى إصدار "توجيهات بتشكيل لجنة حكومية, ومنحها صلاحيات مفتوحة, للتعاقد مع شركة أو جهة أجنبية للقيام باحتواء الكارثة".

وأوضح المصدر أن "العيسي" أبلغ الرئيس هادي أن الكارثة كبيرة وخطيرة ولا يستطيع هو التعامل معها, وليس لديه الإمكانيات اللازمة للقيام بذلك, عبر احتواء الكارثة, أو مكافحة الأضرار الناجمة عنها؛ وهذا خلافاً للموقف الذي أعلنه العيسي, مساء السبت الماضي, مقللاً من الكارثة ونافياً حدوثها.

 وأضاف المصدر: "هذا يعني أن الحكومة اليمنية ستتحمل تكاليف عمل أي شركة أجنبية لاحتواء الكارثة, وهذا يعني أيضاً إعفاء العيسي وشركته من المسؤولية القانونية على الكارثة التي حدثت, وبالتالي عدم مطالبته بالتعويضات المفترضة لليمن, وهي تعويضات يفترض أن تتجاوز 20 مليون دولار".

وتابع: "وفقاً للنظام والقانون المحلي والدولي, يفترض أن تتحمل الشركة المتسببة بالكارثة المسؤولية كاملة عن الكارثة, وتتحمل تبعات التعامل معها, وتعويض الدولة؛ لكن تصرف الرئيس هادي يبدو كما لو أنه مقدمة أولية لعدم ملاحقة العيسي ومطالبته بالتعويضات المفترضة".

وقال المصدر إن اللجنة المشكلة من الرئاسة تواصلت, أمس, عبر شركتي "توتال" و"بترومسيلة"  كممثل عن الطرف اليمني, مع أكثر من طرف أجنبي, من أجل القيام بمهمة مواجهة الكارثة, إلا أن اللجنة فشلت, كممثل عن الحكومة اليمنية, في إقناع أي جهة أجنبية للقيام بهذه المهمة.

وأشار المصدر الى ان هذه اللجنة الرئاسية شكلت من وزير النقل, الدكتور واعد باذيب, ومحافظ حضرموت, خالد الديني, ومساعد مدير الأمن السياسي في حضرموت.

وطبقاً للمعلومات فقد وجه الرئيس هادي  شركة "بترومسيلة"  بتحمل تكلفة واجور الشركة الاجنبية التي ستتعامل مع الكارثة, وهو الأمر الذي استدعى تدخل "بترومسيلة" وهي التي ستوقع العقد مع الشركة الأجنبية.

وأضاف: "تم, أولاً, التواصل مع قوات التحالف الموجودة في البحرين؛ إلا أن هذه القوات رفضت التدخل عبر إرسال سفينة للقيام بالمهمة, وجاء الرفض تحت مبرر أن اقرب سفينة لدى قوات التحالف تبعد أكثر من 500 ميل بحري من شواطئ المكلا. بعدها تم التواصل مع الاتحاد الاوروبي الذي اعتذر وقال أن أقرب سفينة لشاطئ المكلا هي سفينة عسكرية لا تستطيع القيام بعملية السحب او احتواء الترسب".

وتابع المصدر: "الفرنسيون اعتذروا, وقالوا أن لديهم سفينة تسير في المياه الجيبوتية باتجاه صلالة؛ لكنها لا تتحرك إلا في حالة القيام بعليات الإنقاذ البشري. وطلب من جهات فرنسية أخرى المساعدة في القيام بعملية ضخ المازوت من السفينة الجانحة في المكلا من أجل إفراغ الكمية المتبقية فيها بسرعة؛ إلا أن الفرنسيين لم يردوا حتى (فجر أمس)".

واعتبر المصدر تحركات اللجنة الرئاسية "غير جادة" مستغرباً تواصلها مع القوات العسكرية والأوروبية والفرنسية, رغم أن العملية المطلوبة تقوم بها شركات تجارية خاصة متخصصة في أوروبا وأمريكا, وليس قوات عسكرية".

وقال المصدر: "يبدو أنه يراد بالتواصل غير المجدي, الذي قامت به اللجنة الرئاسية مع القوات العسكرية الغريبة, إبرام الصفقة الأكبر والأهم, إذا تم التواصل مع شركة oil spill responseالبريطانية, عبر شركة توتال النفطية الفرنسية, وتم الطلب من هذه الشركة القيام بعمليات احتواء كارثة التسرب ومكافحة أضراره".

وأضاف المصدر: "هذه الشركة  oil spill response, التي تواصلت معها شركة توتال الفرنسية, طلبت 76 ألف دولار, بشكل مبدئي فقط مقابل عرض الموضوع على مجلس إدارتها  للموافقة على إرسال خبراء الى المكلا, وهذا يعني أن هذه الشركة ستطلب مبلغا ً كبيراً جداً مقابل موافقتها على القدوم الى المكلا للتعامل مع الكارثة واحتوائها.. ومن المتوقع أن توافق هذه الشركة على القيام بالمهمة".

وأوضح المصدر أن هذه الشركة طلبت تطمينات وضمانات أمنية من قبل الحكومة اليمنية لإرسال خبرائها الى المكلا لاحتواء الكارثة, وقال المصدر: " هذه الشركة طرحت شروطاً أخرى, إذ قالت إنه لا يمكن الآن تحديدا إجمالي التكلفة التي تستحقها مقابل قيامها بالمهمة, لهذا طلب موافقة الجانب اليمني على أن تقوم هي بتحديد تكلفة قد تكون خيالية.

وطبقاً للمعلومات؛ فسيكون هناك كلفة يومية سيتم تقديمها يومياً, إضافة الى تكلفة إجمالية أخرى ستتم تحديدها, هي أكبر, في نهاية العمل, وعندما لن يكون بإمكان اليمن, إن وافقت على شروط الشركة, أن تعترض على أي تكلفة توضع".

وطبقاً للمصدر, فقد طلبت هذه الشركة من اليمن توفير مروحية عسكرية ووضعها تحت تصرف خبرائها عندما يصلون الى اليمن.

وأشار المصدر الى ان ممثل شركة "توتال" النفطية في اليمن هو من يقوم بدور التنسيق بين الجانبين اليمني, وهذه الشركة.

وقال المصدر: "التوجيه الرئاسي منح اللجنة الرئاسية صلاحيات مفتوحة للتعامل مع الكارثة, وهذا لم يشكل مخرجاً لأحمد العيسي من مسؤوليته على الكارثة, وتحمل تكاليفها, بل يبدو أنه (التوجيه الرئاسي) فتح الباب أمام عقد صفقات مشبوهة".

وأبدى المصدر استغرابه من اختيار شركتي "توتال" النفطية الفرنسية و"بترومسيلة" لتكليفهما بالتفاوض عن الجانب اليمني مع الشركات الخارجية.

 على صعيد متصل؛ قالت لـ"الشارع" مصادر فنية متخصصة يمنية تعمل ضمن طاقم احتواء كارثة تسرب المازوت من السفينة "شامبيون1" إن التوجه الحالي لهذه الفرق "ينصب, الآن بعد تذليل بعض المعوقات, وتجارب بعض الجهات والسلطات الرسمية مع العمل, حول احتواء التسرب وفق خطة فنية تتضمن مقترحين رئيسيين لكيفية التعامل مع الكارثة".

وأوضحت المصادر أن هناك مقترحا بنقل السفينة الى موقع أخر بعيد عن شواطئ المكلا, فيما هناك مقترح بمواصلة العمل على تفريغ المازوت من السفينة ثم نقلها بعد ذلك, مشيرة الى أن نقل السفينة وعملية تسرب المازوت منها مستمر وسيؤدي لانتشار التسرب في أماكن أخرى داخل البحر, وسيوسع من الكارثة, ونسبة التلوث.

وقالت المصادر: "السفينة متوفقة الآن في موقع جغرافي على شكل قوس, وهذا يساعدنا فرق العمل الفنية على التمكن من محاصرة مساحة التلوث عن طريق أدوات الملاحية تستخدم لهذا الغرض, خصوصا بوجود شح بالإمكانيات المتعلقة بهذا الجانب, إضافة الى أن التضاريس الحالية تساعد على بقاء التلوث في مساحة محددة, ولا يعني ذلك عدم انتشار التلوث؛ ولكن الوضع الحالي يُقلل من انتشار سرعة التلوث, ويساعدنا على التعامل معه ومعالجته بمواد خاصة بهذا الجانب تستخدم لتشتيت  مادة المازوت في المياه إضافة الى عمليات شفط المياه الملوثة من البحر".

وكان قد ظهر, خلال اليوميين الماضيين’ خلاف بين جهات رسمية في الدولة, أخذ هذا الخلاف طابعاً سياسياً ومصلحياً دون أي اهتمام بالكارثة البيئية الكبيرة القائمة جراء استمرار تسرب المازوت من السفينة.

وقالت مصادر موثوقة لـ"الشارع" إن الخلاف قائم حول كمية المازوت, الذي يتم تفريغه من السفينة, واين سيكون مصيره, لا سيما  وقيمته تصل الى 2 مليون دولار.

وأوضحت المصادر أن هناك صراعاً قائما حول هذه القضية بين مراكز قوى ونفوذ عليا أحد أطرافها شركة "عبر البحار" التي يمتلكها التاجر أحمد العيسي, وحلفاؤه السياسيون والعسكريون والقبليون, ومراكز أخرى منافسة في النفوذ.

ولم يعرف حتى مساء أمس أين كانت سفينة العيسي ستذهب بهذه الكمية من المازوت, في ظل شكوك بأنها كانت في طريقها الى تهريبه الى خارج البلاد, حيث ستبيعه بالسعر العالمي بعد أن اشترته بالسعر المحلي المدعوم.

وأوضحت المصادر أن احمد العيسي , الذي تعمل السفينة لدى شركته, يصر على نقل السفينة من موقعها, رغم رفض الجهات المختصة, ومحافظ المحافظة, لذلك. وطبقاً للمصادر, فهناك ضغوط من داخل المحافظة  ومن العاصمة صنعاء لتنفيذ طلب العيسي بنقل السفينة من مكانها الى مكان أخر, ومن أجل ذلك, وصل, أمس الأول, الى شواطئ المكلا, "لنش قطر" خاص بسحب السفن وأرسلته شركة العيسي من اجل سحب السفينة من مكانها الى مكان آخر.

وأكد للصحيفة مختصون رفضهم لنقل السفينة الى مكان آخر, مشيرين الى أن ذلك سيضاعف من حجم الكارثة البيئية. وقال هؤلاء: "أحد أسباب التسرب الحالي للمازوت هو أن قاع السفينة اصطدم بالصخور في المياه الضحلة على الشاطئ بسبب جنوحها الى هذا الموقع القريب من الشاطئ جراء عدم طول مخطافها, ما أدى الى تضرر بدن السفينة وتسرب المازوت منه, وبالتالي فإن عملية قطر السفينة الملاصقة للصخور في قاع الشاطئ قد تؤدي لمضاعفة الضرر في بدن السفينة, وبالتالي زيادة كمية التسرب بشكل أكثر من مضاعف, وقد لا نتمكن حينها من السيطرة على التسرب".

وقال لـ"الشارع" مصدر في الهيئة العامة للشؤون البحرية أن الهيئة التزمت, مع وزارة النقل, بمقترحات الفرق الفنية والخبراء المختصين حول خطورة نقل السفينة الى مكان أخر, وأهمية التركيز حالياً على أعمال حصر التلوث وتفريغ كمية المازوت المتبقية على السفينة الجانحة, واحتواء التلوث قبل الاهتمام بأي خطوة أخرى.

وأفاد المصدر بأن الفرق الفنية تمكنت, حتى مساء أمس, من تفريق 2400 طن من المازوت الموجود على السفينة التي جنحت وعلى متنها 4770 طناً من المازوت تسرب منه قرابه 80 طناً, وأكد المصدر أن المازوت يتسرب من السفينة بمعدل طنين في اليوم.

الى ذلك, قالت للصحيفة مصادر إدارية عاملة في الهيئة العامة للشؤون البحرية إن "هناك رسالة تم تحريرها من قبل الهيئة الى شركة عبر البحار, المالكة للسفينة, طالباتها فيها بعد الإقدام على أي خطوة إلا بعد تقديم خطة تفصيلية مهنية من قبل شركة عبر البحار حول ذلك, وتتضمن خطة تفصيلية حول ما ستفعله, خصوصاً في ظل استمرار عملية التسرب وزيادة وتوسع مساحة انتشار المازوت على المياه". وكان "العيسي" في تصريحات له خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة صنعاء, مساء السبت الماضي, نفى وجود تلوث، وقال إن الفرق الفنية لهيئة الشؤون البحرية تمكنت من السيطرة على التسرب, وأن طنين فقط من المازوت هي مقدار الكمية التي تسربت الى البحر.

وأمس, أكدت الفرق الفنية العاملة على احتواء الكارثة أن نسبة التسرب ترتفع كل يوم, وقال للصحيفة أحد هؤلاء المختصين إن "التسرب لا يمكن إيقافه في حالات كهذه (ناقلات الوقود بأنواعها)", وعلق ساخراً على قول "العيسي" بأنه تم إيقاف التسرب: "الناقلة لا تقل قمحا أو ارزا, وأي أعمال صيانة للناقلات تحت الماء تعتمد على أعمال صيانة وتلحيم, وإذا عملنا هذا الأمر مع هذه السفينة سيؤدي ذلك الى انفجارها خلال ثوان, بسبب وجود المازوت عليها. وبالتالي فلا يمكن إيقاف أي تسرب في أي ناقلة نفط إلا بعمليات تفريغ سريعة لما تحمله السفينة قبل زيادة الكمية المتسربة".

زر الذهاب إلى الأعلى